recent
أخبار ساخنة

طلب رسمي لشيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف بتخصيص مساجد محددة لصلاة الجمعة



تقدّم صالح حسب الله الجبالي، وعلي الفيل، المحاميان بالنقض، بطلب رسمي إلى كبرى المرجعيات الدينية في مصر، تساؤلًا واستيضاحًا حول مشروعية وصحة صلاة الجمعة في ظل ما يشهده الواقع من فوضى في تنظيمها، وتعدد الجوامع والزوايا في الحي الواحد، وتداخل أصوات الخطباء بما يربك المصلين ويمنعهم من الخشوع والتدبر.

طلب رسمي لشيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف بتخصيص مساجد محددة لصلاة الجمعة

ووجّه المحاميان خطابًا رسميًا إلى كل من الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف والشئون الإسلامية ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عرضا فيه واقعًا مقلقًا يتكرر أسبوعيًا ويؤثر -حسب وصفهما- على جوهر الحكمة من إقامة صلاة الجمعة، ويهدد وحدة الشعيرة الجامعة التي شرعت لتحقيق التآلف والرحمة بين أفراد المجتمع المسلم.

وجاء في الخطاب أن: كثيرًا من المصلين، ونحن منهم، لا يستطيعون الخشوع في الصلاة بسبب كثرة المساجد المتجاورة في الحي الواحد، وتداخل أصوات الأئمة والخطباء، حيث تنبعث مكبرات الصوت من أكثر من مسجد في وقت واحد، فيتحول صوت الخطبة إلى ضوضاء، ويضيع المعنى والاتصال الروحي مع مضمون الخطاب الديني.

وتساءل مقدما الطلب: هل تجوز إقامة جمعتين أو أكثر في شارع واحد أو زقاق واحد أو حتى قرية واحدة دون وجود ضرورة أو حاجة ماسة؟ وهل تصح صلاة الجمعة في أكثر من مسجد في نفس الحي؟ أم أن العبرة بمن سبق بإقامة الصلاة أو الأذان، وما سواه يكون باطلًا؟

وبناءً على هذه الإشكالية، استعرض الخطاب آراء المذاهب الفقهية الأربعة في مسألة تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد، مؤكدين أن المسألة ليست محل اجتهاد شعبي أو تنظيمي، بل تتطلب تدخلًا شرعيًا ومؤسسيًا لضبطها، خصوصًا مع التغير العمراني الذي أنتج ظاهرة  المساجد المتلاصقة بلا حاجة ماسة.

وأوضح مقدما الطلب أن المذهب المالكي يرى أن إقامة أكثر من جمعة في بلد واحد دون حاجة تجعل الصلاة باطلة في المساجد التي تلت أول من سبق بإقامتها، استنادًا إلى قول الإمام الخَرَشي: الجمعة للعتيق. وكذلك ذهب الشافعية إلى أن التعدد لغير حاجة يبطل الصلاة في كل المساجد المتزامنة إن لم يثبت من سبق بيقين، وفي هذه الحالة تجب الإعادة ظهرًا.

ويستند هذا الفهم إلى الحكمة الأصلية من تشريع صلاة الجمعة، وهي جمع الناس على كلمة واحدة، في مكان واحد، وسماع خطاب موحد، وتوثيق روابط الرحمة والتآخي فيما بينهم، كما ورد في الخطاب: فتتوثق بينهم روابط الإلفة، وتقوى صلات المحبة، وتحيا في أنفسهم عاطفة الرحمة والرفق، وتموت عوامل البغضاء والحقد، ويشعرون جميعًا بأنهم عبيد لله وحده.

وأكد الخطاب أن تعدد المساجد لغير حاجة يفضي إلى تشرذم المسلمين وفقدان الشعور بجلال الاجتماع لعبادة الخالق، مما يدعو إلى وقفة تنظيمية شرعية.

وأشار مقدما الطلب إلى نصوص دستورية واضحة، منها المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن  الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، والمادة السابعة التي تُقر بأن  الأزهر الشريف هو المرجع الأساسي في الشئون الدينية والإسلامية في مصر، دون غيره، فضلًا عن المادة العاشرة التي تربط تماسك الأسرة والمجتمع بالدين والأخلاق.

كما نوه الخطاب بأن جميع المساجد والزوايا والجوامع في مصر تخضع إداريًا وفنيًا لوزارة الأوقاف، الأمر الذي يوجب أن تكون هناك خريطة تنظيمية محكمة لتوزيع الجوامع التي يُقام فيها الجمعة، وفق معيار الحاجة والضوابط الشرعية، وليس وفق العشوائية أو ضغوط الأهالي أو التنافس الشعبي.

وطالب المحاميان الجبالي والفيل فضيلة الإمام الأكبر، ووزير الأوقاف، ومفتي الجمهورية باتخاذ خطوات عاجلة تحفظ وحدة صلاة الجمعة وتصون قدسيتها، وذلك على النحو التالي:، تحديد المساجد والجوامع المصرح لها بإقامة صلاة الجمعة داخل الحي أو القرية الواحدة، على نحو يحقق مقصد توحيد الجماعة، ويحفظ المعاني العبادية والاجتماعية من الجمعة، ويمنع الفوضى في الأداء والانقسام في الاجتماع.

ومنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد والزوايا المتقاربة خلال صلاة الجمعة، منعًا لتداخل أصوات الأذان والخطبة، وحفاظًا على خشوع المصلين، مع وضع توقيت موحد لإقامة الصلاة في نطاق واحد، منعًا لأن يُتم أحدهم خطبته وصلاة الجمعة فيما لا يزال جاره في أول الخطبة.

واختُتم الخطاب بالتأكيد على أن هذا الطلب لا يهدف إلى التقييد على العبادات، بل إلى صيانتها وتنظيمها وفق ما قررته الشريعة الإسلامية، حفاظًا على وحدة الصف، وهيبة الشعيرة، ووضوح صوت الخطاب الديني، في دولة ينص دستورها صراحة على أن الشريعة الإسلامية مرجعها الأسمى.

google-playkhamsatmostaqltradent